قصة اختراع الصفر

 

- هل تعرف كم يساوي الصفر؟

يعد الصّفر أوّل الأعداد وأكثرها تبسيطا وأشدها شهرة ودهشة واستعمالا وأهميّة وروعة الصفر ذلك الرمز الذي يشير إلى اللاشيء ويعبر عنه باستخدام العلامة    (0), هل تتخيل كم عانت البشرية قبل اكتشافه؟
نعم لقد عانت البشرية كثيراً قبل ظهور هذا الرمز المعجز!!!
هل تعرف ما أضافه الصفر إلى مسيرة تطور علوم الحساب والرياضيات, إن اختراع الصفر يعود إلى آلاف السنين، إلا أنه في البداية لم يستخدم رمزا لعدد ولكنه استخدم أولا كمميز بين أرقام مثل 123، 1203، 1230، 1023. , وقد يظن الإنسان للوهلة الأولى أن الصفر الذي يعبر عن اللا قيمة هو أيضاً عديم القيمة وهذا خطأ كبير ولكي نتعرف كم يساوي الصفر في حياة البشرية يجب أولاً أن نستعرض رحلة البشرية نحو اكتشاف الصفر.

الصّفر في الهند
في مطلع القرن الخامس ق.م. بدأ الهنود في استخدام دائرة أو نقطة كرمز للصفر، وبعد ذلك ترك رسم النقطة واقتصروا على الدائرة. وسمّوه الفراغ – سونيا – (Sunya) أو سونيابيندا (Sunyabinda) أيضاً بمعنى الفراغ – وأطلقوا عليه أحيانا تسمية – خا – (Kha) أي الثّقب ، لكنهم لم يرسموه ، ويقال إنهم استعملوا الدائرة (o) والنّقطة (.) للدّلالة إليه، وقد كان هؤلاء الرياضيون الهنود يكتبون الأرقام في أعمدة وقد استخدموا العمود الفارغ ليعبر عن الصفر،
وكانت الكلمة الهندية التي تعني "صفر" هي (سونيا)ومعناها "خالي أو فارغ". وقد ترجمت الكلمة ومثلت صوتيا في اللغة العربية بحيث أصبحت "صفر".

الصّفر في بابل
يعتقد العلماء أنّ البابليين هم أوّل من اخترعوا الصّفر ، لكنّه لم يكن يمثّل قيمة عدديّة بحدّ ذاته ، وهو الصّفر الأقدم في التاريخ وقد حصل هذا الاختراع في القرن الثالث ق.م.

الصّفر في الصّين
في القرن الخامس قبل الميلاد اكتشف الصّينيون صفرا مشابها للصّفر البابليّ ، وبعد مرور ثلاثة قرون ، اخترع الصّينيون صفرا يحمل قيمة عدديّة.

الصّفر في مصر
في مصر ، لا يتطابق أيّ حرف هيروغليفيّ مع الصّقر ، ولم تشر إليه الحضارة المصرية إطلاقا.

الصّفر في المكسيك
تعد حضارة قبائل المايا المكسيكية من أكثر الحضارات الأمريكية تطوّرا في حقبتها، وقد اكتشفت هذه القبائل مفهوم الصّفر وطريقة استعماله ، على الأقل بألفي سنة قبل أن تعرفه أوروبا ، فرسمته على شكل صدفة أو حلزون، أما علاقة الصّفر بالصّدفة ، فهي تربط أيضا بالحياة الجنينيّة ، وفي الفن ، يرسم الصّفر لدى قبائل المايا ، على شكل حلزوني ، فيرمز إلى اللامتناهي المفتوح على المتناهي المغلق .

الصّفر عند العرب 
نعت العرب الصّفر بالخيّر والمظفّر . كان الصّفر يعتبر في الجاهلية شهرا من أشهر النّحس . واختلف في أصل التّسمية ، فقال البيروني : (لامتيازهم في فرقة تسمّى صفريّة ، وسمّي الصّفر صفرا والسّبب وباء كان يعتريهم فيمرضون ، وتصفرّ ألوانهم) . وقال النويريّ : (كانوا يغيرون على الصّفريّة وهي بلاد) . وقال المسعوديّ : (وصفر لأسواق كانت في اليمن تسمّى الصّفريّة وكانوا يحتارون فيها ، ومن تخلّف عنها هلك جوعا) .

ويعتقد عدد من الباحثين أنّ الصّفر يشتقّ من فكرة الخلوّ والفراغ ، فجاء في اللسان – تحت كلمة صفر – (أنّ العرب سمّوا الشهر صفرا لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من أغاروا عليه صفرا من المتاع) . ويقال في العربية : (عاد صفر اليدين) .
ويعتبر الخوارزمي (780 – 850)م. ، من أبرز علماء العرب والعالم في الرياضيات ، وقيل إنه هو الذي ابتكر الصّفر وجعله عددا مهما في العمليات الحسابية . واستعمل العرب النقطة لتدلّ إلى الصّفر ، وبيّنوا دوره في العمليات الحسابية ، وأهميّته في تحديد مراتب العشرات والمئات والألوف . ويقول الخوارزمي : (في عمليات الطّرح ، إذا لم يكن هناك باق نضع صفرا ولا نترك المكان خاليا لئلّا يحدث لبس بين خانة الآحاد وخانة العشرات . ثمّ إنّ الصّفر يجب أن يكون من يمين العدد ، لأنّ الصّفر من يسار الاثنين ، مثلا – 02 – لا يغيّر من قيمتها ، ولا يجعلها عشرين) . وساعد الصّفر في تسهيل المعادلات الجبريّة والحسابية . وعن العرب انتقل إلى أوربا . وكان العرب نقلوا الأعداد ، بما فيها الصّفر ، من الهند . وقيل إنّ العرب استعملوا الصّفر مكان الفراغ الذي كان الهنود يتركونه للدّلالة إليه .

الصّفر في أوربا
في إيطاليا أخذ ليوناردو دو بيز (Leonarde De Pese) <1170- 1250>م. عن العرب طريقتهم في كتابة الأرقام من اليمين إلى اليسار، كذلك أخذ عنهم الصفر وكتبه باللاتينية Cephir . ثمّ تبدّل الاسم إلى (Zephiro) ، وتحوّلت اللفظة إلى (Zero) ابتداء من العام 1491م. . وفي فرنسا ، تحوّلت اللفظة من (Cifre) إلى (Chifre) ثمّ إلى (Chiffre) . وفي ألمانيا ، تبدّلت من (Ziffer) أو (Ziffra) ، واليوم تستعمل (Die null) . وفي إنكلترا استعملت لفظة (Cipher) ، وحلّت محلّها لاحقا لفظة (Zero) . وفي البرتغال ، تعني لفظة (Cifra) الصّفر بمعنى (Zero) . وفي أسبانيا ، تحمل (Cifra) معنى (Chiffre) ، كما تعني لفظة (Cero) الصّفر أي (Zero), وهكذا تخلصت أوروبا من نظام الأعداد الروماني بفضل الرياضيين المسلمين، إذ أصبحت قيمة العدد الواحد تتغير في هذا النظام وفق مكانه في الآحاد أو العشرات أو المئات. وهو ما كان له بالغ الأثر في اختصار العمليات الحسابية فيما بعد.

أصل الكلمة

الكلمة zero الإنجليزية أتت من الفرنسية zéro من البندقية zero, والتي (جنباً إلى جنب مع cypher (سايفر)) أتت من الإطالية zefiro والتي أتت من العربية "صفر" والتي تعني "لا شيء" والتي كانت ترجمة للكلمة السنسكريتية (śūnya), والتي تعني "فارغ" وأول استخدام إنجليزي للكلمة عرف في عام 1598م.
 
 الصفر ليس سالباً أو موجباً
الصفر هو الرقم الوحيد الذي لا يعد سالبا أو موجبا، بل هو يمثل الحد بين الأرقام السالبة والموجبة. وهذه السمة تجعل الصفر نقطة البداية الطبيعية أو الأصل في أي تدريج مثل محاور الإحداثيات أو الترمومتر.



الصفر ترتكز عليه جميع الأعداد
ويمتاز الصفر بصفات خاصّة استثنائيّة لا يتمتّع بها أيّ عدد آخر، إذ بعد انتهاء العدد تسعة، لا بد من اللجوء إلى الصّفر لكي تدخل الأعداد دورة جديدة ، وحين يصل العدّ إلى التّسعة عشر ، يتدخّل واحد ثان مع الصّفر ، من أجل ابتداء دورة جديدة ثانية . ومن هنا ، فالصّفر السّر الذي ترتكز عليه كل الأعداد ، وإليه تعود في النهاية لتتنامى وتعظم . لذلك يرمز الصّفر إلى الاستمرارية ، به يبدأ العد ، وبه ينتهي وبه تنتقل الأعداد من دورة عددية إلى أخرى ، ويستحيل على الأعداد الاستمرار من دونه . فالصفر هو رمز الاستمرارية والخلود ، هو رمز الغموض والمجهول أيضا. لأن السر الكبير يكمن في معرفة كنه الصفر، وكيف يعمل !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق